إذا سمعتَ يومًا أحدهم يقول إنه “ربح المال من تراجع السوق” أو “عقد صفقة قبل الأخبار”، فربما كان يتحدث عن المضاربة. إنها ليست مصطلحًا مشكوكًا فيه أو محظورًا (مع أن البعض لا يزال يعتبره كذلك)، بل هي طريقة قانونية وشائعة لكسب المال في الأسواق المالية.

المضاربة هي شراء أو بيع أصل ما، ليس لامتلاكه على المدى الطويل، بل للاستفادة من تغير سعره. الأمر بسيط: تشتري بسعر أقل وتبيع بسعر أعلى، أو العكس، تبيع عندما يصل السعر إلى ذروته لتشتري بسعر أقل. المضارب ليس مستثمرًا؛ فهو لا يحتفظ بالأصول لسنوات. يتحرك بسرعة، على مدار أيام أو ساعات أو حتى دقائق.

في الوقت نفسه، المُضاربة ليست مُمكنة فقط في سوق الأسهم. يمكنك التداول “أثناء التنقل” في أي مكان: في سوق العملات (الفوركس)، والعملات الرقمية، والسلع (مثل النفط أو الذهب)، والمؤشرات، والأسهم، ومُشتقات الأصول. والقائمة تقريبًا لا تنتهي.

فإذا كنت تتساءل عن كيفية إتمام صفقات قصيرة الأجل، ومن هم المتداولون المُضاربون، ومن أين تبدأ، فتابع القراءة.

ما هو التداول بالمُضاربة وكيف يعمل؟

دعونا نفهم الأمر من البداية. المُضاربة ليست مجرد تنبؤات أو تخمينات عشوائية، بل هي أسلوب تداول واقعي يُمكن فهمه ، حيث يكون الهدف الرئيسي هو جني الأرباح من التغيُّرات في سعر الأصل. اشترِ بسرعة، وبع بسرعة، وإذا سارت الأمور كما تريد، ستُحقِّق أرباحاً.

في عالم المال، غالبًا ما تُفهم المُضاربة على أنها معاملات عالية المخاطر. لن يحتفِظ المُضارب بالأصل لسنوات. يدخل السوق لالتقاط حركة السعر. يلتقط الاتجاه، ويُغلق الصفقة، ويغادر ومعه الربح. إذا لم ينجح في التقاطها، فقد تعلم درسًا (وخسِر).

على سبيل المثال، يفتح مُتداوِل صفقة شراء عقد فروقات على زوج EUR/USD، وهو يتوقع ارتفاع سعر صرف اليورو. إذا كان توقعه صحيحًا ، يُغلق المركز بربح. أما إذا كان توقعه غير صحيح ، فيُغلق المركز بخسارة. الأمر بسيط: لا توزيع لحصص أرباح، لا احتفاظ طويل الأجل، لا “شراء واحتفاظ”. الأمر كله يتعلق بحركة السعر والأرقام على الشاشة.

الميزة الرئيسية للتداول بالمُضاربة هي المُراهنة على حركة الأصل، وليس على الأصل بحد ذاته. أنت لا تشتري النفط لتخزينه، بل تشتري عقود فروقات على النفط لإغلاق صفقة خلال ساعتين أو غدًا وأنت رابح.

أين تحدُث المُضاربة؟

المُضاربة مُمكنة تقريبًا في أي مكان يتوفَّر فيه السعر، والرسم البياني، والسيولة:

  • يُعدّ الفوركس من أشهر أنواع التداول. يتحرك سعر أزواج العملات مثل EUR/USD أو USD/JPY يوميًا، مما يوفِّر فرصًا كثيرة.
  • يُضارب متداولو الأسهم بناءً على تقارير الشركات، أو الأخبار، أو الشائعات.
  • السلع مثل الذهب والنفط والغاز. أي شيء يمكن أن يرتفع سعره.
  • العملات الرقمية! نعم، إنها مُضاربة خالصة، حتى في الكتب التي تتناول هذا المجال.
  • المؤشرات، والسندات، والعقود الآجلة، كلها خيارات عديدة، وجميعها مُتاحة من خلال عقود الفروقات CFDs.

أحيانًا يُشار إلى المُضاربين على أنهم آفات السوق. لكن هذا الوصف ليس عادلًا تمامًا. صحيح أنهم لا يُضيفون قيمةً طويلة الأجل للاقتصاد، ولا يحتفظون بالأصول من أجل توزيع الأرباح. لكن بفضل نشاطهم، يبقى السوق نابضًا بالحياة والسيولة. فهم يزيدون حجم التداول، ويُقلّلون فروق الأسعار، وغالبًا ما يضبطون الأصول المُبالغ في قيمتها من خلال البيع على المكشوف.

إلى جانب ذلك، فإن المتداولين الكبار، مثل صناديق التحوّط، أو صناديق الاستثمار المُشترك، هم أيضًا مُضاربون، ولكن بموارد مالية كبيرة وفريقٍ من المحللين.

التداول مُقابل المُضاربة

التداول والمُضاربة… يبدو أنهما أمران متشابهان، أليس كذلك؟ للوهلة الأولى، قد يبدو أنهما نفس الشيء بالفعل – الشراء بسعر مُنخفض، والبيع بسعر مُرتفع، ثم يصبُح كل شيء على أحسن حال. ولكن إذا نظرت للأمر بعمق أكبر، يتضِح أن الأسلوبان مختلفان، والأهداف مختلفة أيضًا.

لنبدأ بفهم الأمر بالكامل.

التداول

التداول التقليدي يعتمد على الفترات القصيرة. نتحدَّث هنا عن الصفقات التي تُفتح وتُغلق خلال أيام، أوساعات، وأحيانًا دقائق.

المتداول في الأصل يشبه عدَّاء المسافات القصيرة. يُركِّز على إشارات السوق الحالية، ويبحث عن التقلُّبات، ويستخدم التحليل الفني، ومستويات الدعم/المقاومة، والمؤشرات. الهدف هو الاستفادة من التحركات السعرية الصغيرة، ولكن بشكل متكرِّر.

مثال: لنفترض أن سعر صرف اليورو مقابل الدولار ينخفض ​​صباحًا. يرى المتداول رقمًا على الرسم البياني، فيفتح صفقة بيع، ويحقق ربحًا يزيد عن 15 بيب، ويخرج من الصفقة قبل موعد الغداء. إنها عملية سلسة، وسريعة، ومُباشرة.

المُضاربة

على عكس المتداول، يُشبه المُضارب عدّاء الماراثون. فهو لا يسعى وراء المال، بل يهتم بحركة سعرية قوية في المستقبل.

يمكن لهؤلاء اللاعبين الاحتفاظ بصفقاتهم لأسابيع أو أشهر، مسترشدين بالتوقعات الاقتصادية، وتحليلات الاقتصاد الكُلي، والاتجاهات العالمية، أكثر من الرسوم البيانية. هذا أقرب إلى أسلوب الاستثمار، ولكنه ينطوي على عنصر المُخاطرة وحساب حركة الأسعار.

على سبيل المثال، قد يظنّ المُضارب أن أسعار النفط سترتفع خلال الأشهر المقبلة بسبب الصراع في الشرق الأوسط. فيفتح مركزًا طويل الأجل على النفط وينتظر، أحيانًا لفترة طويلة.

لكن أين الحد الفاصل بينهما؟

هنا يبدأ الجزء المُهم. الواقع أن الفرق ليس بهذه البساطة. يُمكن للشخص نفسه أن يكون متداولًا ومُضاربًا في نفس الوقت، ولكن في أوقات مختلفة.

على سبيل المثال:

  • متداول معتاد على المُضاربة، يقرر فجأةً الاحتفاظ بصفقة ذهب لمدة شهر، متوقعًا زيادة قيمته.
  • أو العكس، قد يلاحظ مستثمر فجأةً إنحرافًا عن المُتوقَّع في السوق ويدخل في صفقة سريعة لبضع ساعات.

لهذا السبب، لا توجد حدود واضحة. الأمر كله يعتمد على الاستراتيجية، والأسلوب، والأهداف.

إذن، ما هي الخُلاصة؟

ببساطة: التداول هو عمل نشِط في السوق خلال فترة زمنية قصيرة. سرعة رد الفعل والحساب الدقيق مُهمان في هذه الحالة. أما المُضاربة فهي الاعتماد على أرباح أكبر في المُستقبل، ولكن مع زيادة المُخاطرة والقدرة على الانتظار والصبر.

يُمكن لكلا الأسلوبين استخدام الأدوات نفسها، مثل عقود الفروقات CFD المتوفَّرة على منصات MetaTrader 4 أو MetaTrader 5. يُجري المتداول 5 صفقات يوميًا، بينما يُجري المُضارب صفقة واحدة كل ثلاثة أشهر.

الاستثمارات مقابل المُضاربات

للوهلة الأولى، يبدو أن كلا العمليتين عبارة عن شراء أصل، وانتظار ارتفاع قيمته، ثم بيعه والحصول على ربح. لكن يبقى هناك فرق مهم.

الاستثمار هو أن تستثمر في شيء مع توقُّع نمو مُستقر ومخاطِر مُنخفضة نسبيًا. يحدث ذلك عندما تشتري أصل بناءً على قيمته الأساسية وتكون مستعدًا للاحتفاظ به لأشهر أو حتى سنوات. على سبيل المثال: تشتري أسهمًا في شركة كبيرة تنمو عامًا بعد عام، وتحصل على أرباح، وأنت مُطمئن.

المُضاربة تتعلق أكثر بتقلُّبات الأسعار قصيرة الأجل. بالإضافة إلى ذلك، فهي ليست دائمًا قابلة للتنبؤ. هنا، يتعلَّق الأمر أكثر بالفُرص والتخمين. يمكن للمُضارب شراء أصل لمجرد أنه “سترتفع قيمته” بناءً على الأخبار والشائعات والمشاعر. قد يكون الربح كبيرًا، لكن هناك مُخاطرة بنفس القدر. نعم، قد ترتفع الأرباح بشكل كبير. ولكن قد تخسر ودائعك أيضًا.

إذن، يكمن الفرق الرئيسي في درجة المُخاطرة:

  • المُستثمر: “أنا مستعد للانتظار وعدم القلق كثيرًا طوال فترة الاحتفاظ بالأصل.”
  • المُضارب: “أريد المزيد وبسرعة. نعم، وأنا مُستعد للمُخاطرة.”

أيضًا في هذا الأسلوب، ينظر المُستثمر إلى التقارير، والسوق، والاتجاهات طويلة المدى. أما المُضارب، فينظر إلى الرسوم البيانية، والشموع، والأنماط، والأخبار في وقت صدورها.

المُراجحة مقابل المُضاربة

الآن، لنتحدث عن المُراجحة. إنه نوع مُختلف تمامًا.

المُراجحة استراتيجية يربح من خلالها المتداول المال من فرق السعر بين نفس الأصل لكن في أسواق مُختلفة. على سبيل المثال، سعر البيتكوين 30,000$ في سوق ما و30,100$ في سوق آخر. اشترِ البيتكوين هناك، وبعه هنا، وستحصل على 100$. لا يوجد تنبؤ، ولا تخمين، فقط ردود فعل سريعة ودقة في إجراء التعاملات.

هل يبدو هذا رائعًا؟ نعم، ولكن هناك فارق دقيق.

يتطلَّب هذا الأسلوب تواصلًا فوريًا مع الأسواق، وأحجام تداول عالية، وتأخيرًا ضئيلًا. لهذا السبب، تقوم بالمُراجحة في الغالب صناديق استثمارية كبيرة، وليس متداولين من الأفراد. هذه الصناديق الاستثمارية الكبيرة تمتلك التقنيَّات ورؤوس الأموال اللازمة لذلك. لكن المُضاربة مُتاحة للجميع، حتى بقيمة 100$ وباستخدام جهاز كمبيوتر محمول.

لذلك، يُمكن أن نقول:

  • المُراجحة تعني ربحًا شبه خالٍ من المخاطر (ولكنه بسيط).
  • المُضاربة تعني ربحًا كبيرًا مُحتملًا، ولكن مع مخاطر حقيقية.

ما هي أنواع المُضاربين؟

في سوق العقود مقابل الفروقات CFD، كما في أي سوق آخر، لا يوجد نوع واحد من المُضاربين. فكلٍّ منهم له أسلوبه الخاص، وشخصيته المُميِّزة، بل حتى لقب ينتمي لعالم “الحيوانات”. نعم، كثيرًا ما يُقارن المضاربون بالحيوانات لسببٍ ما. فهذا التشبيه يُساعد على التعبير عن سلوكهم في السوق بسرعة وبشكل مجازي. دعونا نوضِّح من هم هؤلاء المُضاربون بالتفصيل.

“الثيران”

لنبدأ بالأكثر تفاؤلاً. يعتقد “الثيران” أن السوق سيرتفع. يشترون الأصول على أمل بيعها بسعر أعلى لاحقًا. على سبيل المثال، اشترى متداول عقد فروقات CFD على الذهب بسعر 1900$، ويتوقع أن يرتفع إلى 2000$. في هذه الحالة، يحقِّق ربحًا.

يُحب “الثيران” الأخبار الجيدة، والاقتصاد القوي، والتقارير الإيجابية. من المهم لهم الدخول في اتجاه صاعد والبقاء فيه حتى الوصول للقمة.

“الدببة”

“الدببة” هم عكس الثيران. يتوقعون انخفاضاً في الأسعار، وهذا بالضبط ما يرغبون في استغلاله. استراتيجيتهم هي بيع الأصل “آجلًا” (عبر البيع على المكشوف) ثم إعادة شرائه عند انخفاض السعر. الفرق بين سعري البيع والشراء هو ربحهم.

على سبيل المثال، قد يبيع “الدببة” عقد فروقات CFD على النفط بسعر 80$ ويعيد شراءه بسعر 75$. فرق الـ 5$ هو ربح الصفقة.

الغزلان

الغزلان في السوق هم متداولون يفضلون إجراء صفقات سريعة على الأسهم أو الأصول الجديدة. يهتمون بشكل خاص بالشركات التي دخلت السوق حديثًا (على سبيل المثال، بعد اكتتاب عام أوَّلي IPO). يحاولون استغلال موجة الحماسة عندما يرتفع السعر بسرعة نتيجة ارتفاع الطلب. لكنهم في الوقت نفسه حذرون للغاية: يراقبون المخاطر، ويتجنبون الروايات المشكوك في صحتها، ويحاولون الخروج من المركز قبل حدوث تراجُع.

البط الأعرَج

تسميَّة غريبة لكنها مُهمَّة. البطة العرجاء عبارة عن مُشارك في السوق وقع في موقف حرِج. قد يكون ثورًا أو دُبًا، لكنه لم يتوقع الاتجاه، ولم يضع أمر إيقاف الخسارة، أو ببساطة لم يكن مستعدًا لانعكاس سعري حاد.

يُستخدم هذا المُصطلح غالبًا لوصف المتداول الذي يحتفظ بمركز خاسر، على أمل أن “يتراجع” السوق. لكن هذا لا يُحدث، وتتزايد الخسائر.

يلعب كل نوع من هذه الأنواع دوره الخاص في بيئة السوق. ومن خلالهم، ينبُض السوق بالحياة: بعضهم يشتري، وبعضهم يبيع، وبعضهم يندفع، وبعضهم ينتظر.

من تفضِّل أنت أن تكون؟ الثور الذي يتبع الاتجاه الصاعد؟ الدُب الذي يتعقَّب الهبوط؟ أو ربما الغزال الذكي والحذِر؟ أيًا كانت الاستراتيجية التي تناسبك، فإن الأهم هو فهم سبب دخولك في الصفقة وماذا ستفعل إذا لم تحدُث الأمور وفقًا لخطتِك.

ما هو الدور الذي يلعبه المُضاربين؟

عندما يسمع المتداولون الجُدد كلمة “مُضارب” لأول مرة، غالبًا ما يتبادر إلى ذهنه صورة شخص مُغامرٍ في سوق الأسهم، لا يفعل شيئًا سوى زعزعة السوق لمصلحته الشخصية. لكن الحقيقة هي أن المُضاربين يلعبون دورًا محوريًا في عمل الأسواق المالية الحديثة. والآن، سنشرح دورهم بالضبط.

السيولة وحركات السوق

الأكثر أهمية، أن المُضاربين يوفرون السيولة. فبفضل نشاطهم في السوق، يُتاح دائمًا تقريبًا شراء أو بيع أي أصل بسرعة وبسعر قريب من السعر الحالي. لولاهم، لكانت الأسعار قد “علَّقِت”، واضطر كل أمر أن ينتظر لفترة أطول، خاصةً في أوقات عدم اليقين.

بالإضافة إلى ذلك، يتسبب المُضاربون في حدوث تقلَّبات السوق، أي حركته. صحيح أن هذا يُزيد من صعوبة التنبؤ بالسوق أحيانًا. لكن في الوقت نفسه، تُوفر هذه الحركة فرصًا. فإذا لم تكن هناك حركة، فلن تكون هناك أرباح.

من الذي يقوم بالمُضاربة بالضبط؟

في الواقع، ينقسم المُضاربون إلى أنواع مختلفة. إليكم بعض الأمثلة:

المتداولون الأفراد وهم نفس الأشخاص الذين يتداولون من المنزل باستخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة. وغالبًا ما يستخدمون الرافعة المالية لتعزيز فعالية صفقاتهم.

صُناع السوق هم مشاركون كبار يضعون باستمرار تسعيرات البيع والشراء. ويكسبون المال من خلال فروق الأسعار، وهم في الحقيقة مُضاربون. أما شركات التداول الخاصة (Prop Shops) فهي مجموعات من المتداولين المحترفين الذين يتداولون بأموال الشركة. وغالبًا ما يستخدمون الخوارزميات، والمُراجحة، واستراتيجيات التداول عالية التردد.

يشتركون في شيء واحد وهو أنهم لا يستثمرون “إلى النهاية”. إنهم يبحثون عن الفرص اللحظية ويتصرفون بسرعة.

لماذا من المهم أن يفهم المبتدئين هذا الأمر ؟

لأنك لست وحدك عندما تدخل السوق. هناك عشرات الآلاف من المتداولين الذين يعملون ضدك (أو معك؟)، ولكلٍّ منهم منطقه الخاص في التداول. إن فهم طريقة تفكير المُضاربين وتصرُّفهم سيُساعدك على إدارة السوق بشكل أفضل. على سبيل المثال، قد تلاحظ ارتفاعًا حادًا في السعر دون سبب واضح. ربما كانت موجة مُضاربة قصيرة، وفي خلال ساعة، سيعود كل شيء إلى طبيعته.

المُضاربون لا يضرون السوق، بل يساعدون على استمرار حركته. بدونهم، لكانت الأسعار “خاملة”، ولكانت الصفقات بطيئة، ولكانت فرص الربح أقل. لذلك في المرة القادمة التي تسمع فيها هذه الكلمة، لا تشعر بالخوف. ربما تكون قد بدأت بالفعل في التحوُّل إلى مُضارب شيئًا فشيئًا. المهم هو التصرُّف بحكمة.

أين يُمكن أن تكون المُضاربة مُمكنة؟

إذًا، جوهر المضاربة واضح وهو الشراء بسعر أقل، والبيع بسعر أعلى (أو العكس)، وتحقيق الربح من الفرق. ولكن أين يحدث كل هذا تحديدًا؟ دعونا نلقي نظرة على كيفية عمل المُضاربة في الأسواق الثلاثة الأكثر شيوعًا: الأسهم، والعملات، والسلع.

المُضاربة في سوق الأسهُم

عندما نتحدَّث عن عقود الفروقات CFDs وسوق الأسهم، فإننا نشير إلى تداول الأسهم. المُضارب هنا لا يشتري سهمًا ليحتفظ به لسنوات وينتظر أرباحه. بل ينظر إلى الرسم البياني ويُفكِّر: “حسنًا، يبدو أن سهم “تيسلا” على وشك الارتفاع…” ويفتح صفقة في الاتجاه الصاعد.

تكمُن الحيلة في أن أسعار الأسهم قد ترتفع كثيرًا بسبب الأخبار، وتقارير الشركات، وتصريحات كبار المديرين. يحاول المُضاربون جني الأرباح من هذه القفزات. أحيانًا، قد يرتفع سعر السهم بنسبة 5-10% في غضون ساعتين ثم ينخفض ​​انخفاضًا حادًا أيضًا. المهم هو الدخول في اللحظة المناسبة (أو على الأقل ليس في أسوأ اللحظات).

المُضاربة في سوق الفوركس

سوق الفوركس هو جنَّة المُضاربين. العملات في حركة مستمرة: أخبار عن ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي. صدرت بيانات ضعيفة عن البطالة في الاتحاد الأوروبي، وتراجع اليورو. والآن، تفتح صفقة على زوج EUR/USD، على أمل الاستفادة من حركة السعر.

يستغل المضاربون فرق أسعار صرف العملات. ورغم أن الأمر يبدو كما لو أن أحدهم يقول “حسنًا، ماذا تساوي بضعة كوبيكات”، إلا أن حركة بمقدار 50-100 بيب قد تجعلك تربح (أو تخسر) مئات الدولارات، خاصةً مع الرافعة المالية.

يكمُن مفتاح النجاح في فهم العوامل المؤثرة على أسعار العملات: الاقتصاد، والأوضاع الجيوسياسية، والأخبار، وأسعار فائدة البنوك المركزية، وبالطبع، الانضباط.

المُضاربة في أسواق السلع

تخيل الآن الذهب، أو النفط، أو حتى القهوة. نعم، حتى المواد الخام قابلة للمُضاربة! ليس بنقلها في حقائب، بل باستخدام عقود الفروقات نفسها.

تعتمد أسعار السلع على عوامل عديدة: العرض والطلب، والطقس، والحروب، والمخزون في المستودعات… إشاعة واحدة حول انقطاع إمدادات النفط ينتج عنها ارتفاع الأسعار. وبالنسبة للمضاربين، تُعتبَر هذه فرصة مواتية.

على سبيل المثال، يُعد الذهب أصلًا تقليديًا “للحماية”. يلجأ المستثمرون إليه في الأزمات كملاذ آمن، ويعقد المُضاربون صفقات للنمو بينما يقوم جمهور المتداولين بالشراء.

في جميع هذه الأسواق، تنطوي المُضاربة على مخاطر أعلى. ولكن بفضل التقلُّبات (أي التحركات الحادة) تحديدًا، تتاح للمتداولين فرصة ربح المال من التقلُّبات قصيرة الأجل.

مع عقود الفروقات، يصبح كل هذا أكثر إثارة للاهتمام: يمكنك التداول عند حدوث الارتفاع أوالانخفاض، باستخدام مبالغ صغيرة، وإدارة مراكز أكبر بكثير بمُساعدة الرافعة المالية. الأهم هو ألا ننسى أن الفرص دائمًا تأتي معها المخاطر.

إيجابيات وسلبيات التداول بالمُضاربة

قبل أن نعرِض التلخيص، سنساعدك على اتخاذ القرار الصحيح. فيما يلي مجموعة مُختارة من أهم مزايا وعيوب التداول بالمُضاربة.

مزايا التداول بالمُضاربة

إذن، ما هي المزايا الأساسية لاستراتيجية التداول بالمُضاربة؟

  • فرصة الربح عند ارتفاع وانخفاض السوق
    على عكس الاستثمارات التقليدية، التي تربح من خلالها فقط عند ارتفاع السعر، تمنحك المُضاربة مرونة أكبر. هل تتوقع أن ينخفض ​​السعر؟ تفتح مركز بيع واربح عند انخفاض السعر. هل تتوقع أن يرتفع سعر الأصل؟ افتح مركز شراء واربح عند ارتفاع السعر. هذا مفيد بشكل خاص في عقود الفروقات CFDs، حيث يمكنك التبديل بسرعة بين الاتجاهات.
  • صفقات سريعة وإمكانية تحقيق أرباح سريعة
    بالفعل، يبدو الأمر مغريًا: لست مضطرًا للانتظار لسنوات حتى ترتفع قيمة الأصل، ولكن يمكنك الاستثمار فيه، واسترجاع أموالك، والانتهاء منه في يوم أو حتى ساعتين. بالطبع، كل هذا يعتمد على تحليلك واستراتيجيتك، لكن المُضاربة أشبه بلعب دور شطرنج سريع مع السوق.
  • أداة تحوُّط
    أحيانًا، تُستخدم المُضاربة ليس لكسب المال، بل لحماية أصل رأسمالي. على سبيل المثال، لديك سهمٌ طويل الأجل، لكنك تشعر باحتمالية حدوث تراجع في السوق. يمكنك فتح صفقة بيع على المكشوف باستخدام عقود الفروقات CFDs وتعويض الخسائر المُحتملة. لم يعُد الأمر يتعلق بالطمع، بل بالاستراتيجية.
  • زيادة سيولة السوق
    المُضاربون يُشبهون محرِّك السوق. فهم يصنعون حجم التداول، ويُحرّكون الأسعار، ويُوفّرون السيولة. بفضل عملهم، تُصبح التداولات أسرع، وتتقلَّص فروق الأسعار، ويصبح السوق ككُل أكثر حيوية. بدونهم، لكانت حركة الأسعار أبطأ، ولزادت قيمة العمولات.

يبدو هذا جيدًا، أليس كذلك؟

عيوب ومخاطر المضاربة

تذكَّر أن المُضاربة، كأي استراتيجية أخرى، لها عيوبها. دعنا نتعرّف عليها بعمق.

  • تقلبات عالية = مخاطرة عالية
    قد لا يُمكن التنبؤ بتحركات السوق. قد يذهب السعر في الاتجاه الخاطيء بسرعة كبيرة، خاصةً مع صدور الأخبار أو خلال فترات الغموض. فإذا لم تضع أمر إيقاف للخسارة، فقد تخسر معظم إيداعك في صفقة سيئة واحدة.
  • المُخاطرة بوعي
    من المهم أن تفهم أن مُخاطرة المُضاربة هي مخاطرة واعية. أنت تقرر الدخول في صفقة وأنت مُدرك أنك تستطيع تحقيق أقصى ربح أو التعرُّض لأقصى خسارة. إنها ليست كالتعرّض لإعصار أو كارثة مُفاجئة، ولكن تقوم بها بناءً على حساباتك. لكن إذا لم تَحسب، ولم تُحلِّل، فلن تكون مُضاربة، ستكون مُقامرة.
  • الضغط، والعواطف، و”المُراهنة”.
    التوتر العصبي هو الرفيق الدائم للمُضارب. إذا سارت الصفقة ضدك، فإن الخوف سيسيطر عليك. إذا حققت الصفقة ربحًا، فستُصاب الجشع. أكبر خطأ هو محاولة “التعويض” أو الدخول دون استراتيجية. هنا من المهم الحفاظ على ثباتك، وهذا الأمر ليس سهلاً دائمًا.

ونتيجةً لذلك، فإن المُضاربة ليست شرًا وليست حلاً سحريًا. إنها مجرد أداة. قد تكون مُربحة، لكنها تتطلَّب انضباطًا ومعرفةً وأحساسًا سليمًا، بالإضافة إلى القدرة على التحكُّم في المخاطر وعدم الاستسلام للعواطف.

البداية المنطقية نصف النجاح

المُضاربة مثيرة للاهتمام. إنها ليست لعبة حظ، بل هي عملٌ ينطوي على المُخاطرة، والاستراتيجية، والعواطف. يمكنك الربح، ويمكنك الخسارة؛ كل ذلك يعتمد على استعدادك. لذلك، إذا كنت مبتدئًا، فلا تتسرَّع في دخول السوق الحقيقي مُباشرةً. ابدأ بحساب تجريبي. تابع كيف تسير الأمور، وتدرًّب، واشعر بإيقاع الأحداث.

افتح حسابًا تجريبيًا مجانيًا مع JustMarkets وابدأ رحلتك في التداول بهدوء ووعي!